شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
كتاب الروض المربع الجزء الأول
91517 مشاهدة
صفة صلاة الجنازة

ويكبر أربعا لـ تكبير النبي -صلى الله عليه وسلم- على النجاشي أربعا. متفق عليه يقرأ في الأولى؛ أي بعد التكبيرة الأولى وهي تكبيرة الإحرام بعد التعوذ والبسملة الفاتحة سرا ولو ليلًا؛ لما روى ابن ماجه عن أم شريك الأنصارية قالت: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نقرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب ولا نستفتح ولا نقرأ سورة معها.


التكبير على الجنازة اختلف في عدده ؛ المشهور أنه أربع تكبيرات، وروي خمس تكبيرات وروي ست، ولا إنكار على من زاد؛ حيث إن بعض الصحابة صلى على رجل وكبر عليه ستا، وقال: إنه بدري يعني من أهل بدر، وصلى بعضهم بخمس تكبيرات، وقال: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يكبرها. فالمعتاد والأكثر أربع، ولعله -صلى الله عليه وسلم- كان يكبر أحيانا خمسا وأحيانا ستا، ولكن الأغلب والأكثر الاقتصار على أربع، فإذا زاد الإمام خامسة فلا ينكر عليه.
كيف يزيد أو ما يقول فيها؟ إذا كبر خمسا فإنه يجعل الدعاء العام بعد تكبيرة؛ الدعاء العام: اللهم اغفر لحينا وميتنا، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام، والدعاء الخاص: اللهم اغفر له وارحمه بعد تكبيرة، إذا كبر ستا فإنه يدعو بعد الخامسة بقوله: اللهم لا تحرمنا أجره إلى آخره، ولا يدعو بعد السادسة، بل يقف قليلا ثم يسلم، وهذا الأصل في التكبيرات. والأكثر والأغلب أربع.
أما ما يقول فيها؛ فبعد التكبيرة الأولى يقرأ الفاتحة، ولا يستفتح لا يقول سبحانك اللهم، ولا يقول اللهم باعد بيني وبين خطاياي، ليس فيها استفتاح، بل يبدأ بالقراءة إلا أنه قبل القراءة يتعوذ ويبسمل؛ لعموم الآية: فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ولأن البسملة آية من القرآن، وقيل: بل من الفاتحة كما عند الشافعية، فيقرأ الفاتحة وقبلها يتعوذ ويبسمل، القراءة في صلاة الجنازة لا يجهر فيها، يقرأ سرا، ولو كانت الصلاة ليلا؛ عادة أن الليل يجهر فيه بالقراءة كما في المغرب والعشاء والفجر، لكن صلاة لا جهر بالقراءة فيها؛ لأن ذلك لم ينقل بل يخفي فيها القراءة هذا معنى قوله: يقرأ فيها سرا.
ثم قد روي عن ابن عباس أنه جهر بقراءة الفاتحة، وقال: لتعلموا أنها سنة. ما المراد بقوله: لتعلموا أنها سنة؟ هل المراد الجهر أو المراد الفاتحة؟ المراد الفاتحة؛ كأنه أراد أن يعلمهم أن قراءة الفاتحة سنة في الصلاة يعني شرعية، وليس المراد بالسنة الاستحباب، فإن قراءة الفاتحة -كما سيأتي- ركن من الصلاة على الجنائز؛ لعموم قوله: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب نعم.